يُعد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية من الأعمدة التشريعية المحورية التي تنظم إدارة المال العام في المملكة العربية السعودية، حيث يمثل أداة تنظيمية لتحقيق أعلى درجات الكفاءة والشفافية في إنفاق الأموال العامة، وضمان ترشيدها بما يخدم المصلحة العامة ويعزز من كفاءة الأداء الحكومي.
وقد صدر هذا النظام بموجب المرسوم الملكي رقم (م/128) وتاريخ 13/11/1440هـ ليحل محل النظام السابق، ويشكل نقلة نوعية في تنظيم التعاقدات الحكومية بما يتوافق مع توجهات رؤية المملكة 2030 في تعزيز الحوكمة والارتقاء بجودة الخدمات العامة.
ويمثل النظام إطارًا قانونيًا موحدًا لتنظيم جميع الإجراءات والضوابط التي تعتمدها الجهات الحكومية في تعاملاتها التعاقدية مع الموردين والمقاولين بدءًا من مرحلة الطرح وحتى الترسية والتنفيذ، كما يعزز من مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، ويحد من الفساد الإداري والمالي، ويضمن حماية المال العام وتكريس المساءلة القانونية على عمليات الشراء الحكومي.
أولًا: الأهداف الرئيسية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية
- تعزيز الشفافية والنزاهة: من خلال ضمان وضوح جميع مراحل التعاقد، بدءًا من الإعلان وحتى الترسية والتنفيذ، بما يحد من شبهات الفساد المالي والإداري ويعزز ثقة الموردين في عدالة الإجراءات.
- تشجيع المنافسة العادلة: عبر حظر التمييز غير المبرر بين المتنافسين، وتشجيع دخول أكبر عدد ممكن من الموردين للمنافسة، بما يسهم في تحسين الجودة وخفض التكاليف.
- تحقيق الكفاءة الاقتصادية: من خلال إلزام الجهات الحكومية بالحصول على أفضل العروض من حيث الجودة والتكلفة، لضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة.
- رفع مستوى الحوكمة: عبر إنشاء لجان مختصة وآليات للاعتراض والتظلم لضمان الرقابة الإدارية والشفافية.
- دعم المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة: من خلال تخصيص نسبة من العقود للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يعزز التنمية الاقتصادية المحلية.
ثانيًا: المواد النظامية ذات العلاقة
المادة الأولى: التعريفات
تحدد المصطلحات الأساسية الواردة في النظام مثل: “الجهة الحكومية”، “المنافسة العامة”، “المورد”، و”اللائحة التنفيذية”، لتكون مرجعًا تفسيريًا عند تطبيق النصوص النظامية.
المادة الثانية: نطاق التطبيق
تؤكد على شمولية النظام لجميع الجهات الحكومية، بما في ذلك الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وأي جهة يخصص لها اعتماد مالي من الميزانية العامة للدولة.
المادة الثالثة: المبادئ العامة للمنافسات
تنص على مبادئ المساواة والعدالة والشفافية وتكافؤ الفرص ومنع تضارب المصالح، بما يرسخ بيئة قانونية سليمة للتعاقدات الحكومية.
المادة الرابعة: إجراءات المنافسات
تفصل مراحل المنافسة وتشمل:
- إعداد وثائق المنافسة.
- الإعلان عبر منصة “اعتماد”.
- تلقي العروض.
- فتح المظاريف.
- التقييم الفني والمالي.
- الترسية وإبرام العقد.
المادة الخامسة: التظلمات والاعتراضات
تحدد آلية تقديم الاعتراضات من المتنافسين للنظر فيها من قبل لجنة فحص العروض أو الجهات القضائية المختصة، بما يضمن حقوق المتنافسين ويحد من التعسف الإداري.
ثالثًا: الأنظمة واللوائح ذات الصلة
1- اللائحة التنفيذية للنظام: توضح الإجراءات العملية للنظام، وصلاحيات اللجان، وآليات التقييم وشروط قبول العروض.
2- نظام الشراء المباشر: يحدد الحالات التي يجوز فيها التعاقد المباشر مثل حالات الطوارئ أو الاحتياج الفني العاجل.
3- نظام التعاقدات الحكومية الجديد: يبين أحكام تنظيم العقود الحكومية من حيث الصياغة وآليات التنفيذ والجزاءات والضمانات المالية، بما يتكامل مع نظام المنافسات لضمان الالتزام بالعقود.
رابعًا: أهمية نظام المنافسات والمشتريات الحكومية
يسهم النظام في:
- ضمان الإنفاق الرشيد للمال العام من خلال تطبيق مبدأ العلانية والتنافس.
- الحد من الفساد المالي عبر لجان رقابية وآليات رقابة صارمة.
- تعزيز ثقة المستثمرين في السوق الحكومي وجذب المشاركات المحلية والدولية.
- دعم نمو الاقتصاد الوطني بتمكين المنشآت الوطنية من تنفيذ المشاريع الحكومية.
خامسًا: التحديات التي تواجه النظام
- نقص الوعي القانوني لدى الموردين: حيث يفتقر بعض المتنافسين من القطاع الخاص إلى المعرفة الكافية بأحكام النظام، مما يؤدي إلى تقديم عروض غير متوافقة أو فقدان فرصة الاعتراض النظامي.
سادسًا: استراتيجيات تحسين نظام المنافسات والمشتريات الحكومية
- التحول الرقمي الكامل: عبر إدارة جميع العمليات إلكترونيًا من خلال منصة “اعتماد” لتعزيز الشفافية وسرعة الإجراءات.
- إطلاق برامج توعوية وتدريبية: لتدريب المسؤولين القانونيين والإداريين في الجهات الحكومية على النظام وأحكامه وتحديثاته.
- المراجعة الدورية للنظام ولوائحه: لضمان مواكبة التغيرات الاقتصادية والتنظيمية المستجدة وفق تقارير الأداء.
- تعزيز الرقابة والمساءلة: بتمكين الجهات الرقابية مثل “نزاهة” من مراقبة الالتزام الكامل بتطبيق النظام.
يمثل نظام المنافسات والمشتريات الحكومية في المملكة العربية السعودية أكثر من مجرد إطار تنظيمي للتعاقدات الحكومية، إذ يعد أداة جوهرية لضبط الإنفاق العام، وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وتعزيز كفاءة تخصيص الموارد بما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030.
ويجسد النظام مبادئ الحوكمة الرشيدة والعدالة وتكافؤ الفرص، ليس نظريًا فحسب بل عمليًا من خلال ضمان فرص متكافئة لجميع المتنافسين، وتحفيز روح المنافسة التجارية، ودعم بيئة الاستثمار، وتحقيق أفضل الممارسات الدولية في إدارة المال العام.
كما تؤكد الحاجة إلى استمرار تطوير النظام ومراجعة أحكامه ولوائحه التنفيذية بشكل دوري لمواكبة التطورات التقنية والتنظيمية، والاعتماد على التقنيات الرقمية مثل منصة “اعتماد” لتحقيق أعلى درجات الكفاءة والشفافية.
ويعد الالتزام بتطبيق النظام بروحه ونصوصه، مع تفعيل الرقابة والمساءلة بشأنه، من الدعائم الرئيسية لحماية المال العام، وتعزيز الثقة بين القطاعين العام والخاص، في سبيل تحقيق الأهداف الكبرى لرؤية المملكة 2030 وبناء مستقبل اقتصادي مستدام.