في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لحماية النسيج الاجتماعي، وتعزيز الأمن، والعدالة، والتنمية المستدامة، صدر نظام مكافحة التسول بموجب المرسوم الملكي رقم (م/20) بتاريخ 9/2/1443هـ.
يُعد هذا النظام خطوة استراتيجية لتنظيم التعامل مع ظاهرة التسول، وقطع الطريق أمام الممارسات المخالفة التي تستغل العوز الإنساني لأغراض غير مشروعة.
أولًا: الخلفية النظامية والتشريعية
استند النظام إلى سلسلة من المراسلات والمداولات القانونية شملت:
- مجلس الشورى.
- مجلس الوزراء.
- وزارة الداخلية.
- وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
- هيئة الخبراء.
وتأتي هذه التشريعات متماشية مع رؤية المملكة 2030، بما يعزز من جودة الحياة ويرسخ مفهوم العدالة الاجتماعية والضبط الأمني.
ثانيًا: تعريف التسول وأشكاله في النظام
تعريف التسول:
كل من يطلب مالًا أو مساعدة بأي وسيلة كانت، سواء شفهيًا، بالإشارة، أو إلكترونيًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أبرز الأشكال التي يشملها النظام:
- التسول في الأماكن العامة (مساجد، شوارع، مجمعات).
- استغلال الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
- شبكات التسول المنظم.
- التسول الرقمي (عبر منصات إلكترونية).
ثالثًا: الجهات المختصة بالتنفيذ
- وزارة الداخلية:
- القبض على المتسولين.
- التحقيق في خلفياتهم.
- الإحالة للنيابة أو الجهات ذات العلاقة.
- وزارة الموارد البشرية:
- تصنيف المتسولين بين محتاجين ومستغلين.
- توفير خدمات الرعاية للمستحقين الفعليين.
يعكس هذا التكامل نهجًا يجمع بين الضبط الأمني والمعالجة الاجتماعية المتكاملة.
رابعًا: العقوبات والجزاءات القانونية
الحالة | العقوبة |
أول مرة | تحذير أو إبعاد (لغير السعوديين) أو إحالة للرعاية الاجتماعية |
التكرار أو التنظيم | سجن حتى 6 أشهر، أو غرامة حتى 50,000 ريال، أو كليهما |
ويُسمح بمضاعفة العقوبة إذا ثبت وجود تنظيم أو استخدام للأطفال في التسول.
لغير السعوديين: يُطبق الإبعاد النهائي بعد تنفيذ العقوبة، مالم توجد موانع قانونية.
خامسًا: مصادرة الأموال والأدوات
يمنح النظام المحكمة المختصة صلاحية:
- مصادرة الأموال المتحصلة من التسول.
- مصادرة الوسائل المستخدمة (مركبات، هواتف، أدوات).
- فرض غرامة تعادل قيمة ما تم جمعه في حال تعذر المصادرة.
ويُستثنى من ذلك أصحاب النية الحسنة.
سادسًا: آليات الإحالة والمتابعة
- إيواء المحتاجين فعليًا من خلال برامج الدعم الاجتماعي.
- التنسيق مع الجمعيات الخيرية المعتمدة لتوجيه الدعم.
- التحقيق في الخلفيات لضبط الشبكات المنظمة.
سابعًا: ضوابط النشر والإبلاغ
- تشجيع المواطنين والمقيمين على التبليغ.
- منع نشر صور المتسولين إلا بإذن من الجهات المختصة، حفاظًا على الكرامة الإنسانية والخصوصية.
ثامنًا: الأبعاد الاجتماعية والأمنية للنظام
البُعد | التفاصيل |
الاجتماعي | إدماج المستحقين في برامج الدعم والرعاية |
الأمني | الحد من شبكات الجريمة، غسل الأموال، استغلال القُصّر، التهريب، التزوير |
تاسعًا: مقارنة دولية
الدولة | الموقف من التسول |
الإمارات | جريمة يعاقب عليها بغرامة تصل إلى 100,000 درهم |
فرنسا | مسموح بشروط، مجرّم في حال وجود استغلال |
مصر | جنحة يُعاقب عليها بالحبس والغرامة |
النظام السعودي يتميز بتوازنه بين الردع الأمني والرعاية الاجتماعية.
عاشرًا: التحديات والتوصيات
أبرز التحديات:
- صعوبة التمييز بين المحتاجين والمحتالين.
- انتشار شبكات منظمة.
- استغلال الأطفال والنساء بطرق يصعب رصدها.
التوصيات القانونية والتنفيذية:
- تعزيز التوعية المجتمعية.
- تفعيل تطبيقات ذكية للإبلاغ.
- تقديم حلول بديلة من خلال الجهات الرسمية.
- ربط بيانات المتسولين بالأنظمة الوطنية للتحقق من وضعهم.
الخاتمة
إن نظام مكافحة التسول لعام 1443هـ يمثل تطورًا تشريعيًا يعكس التوازن بين:
- احترام الكرامة الإنسانية.
- فرض النظام العام.
- تمكين الفئات المحتاجة من الدعم الحقيقي.
ويُعد هذا النظام تجسيدًا لرؤية المملكة في بناء مجتمع آمن، متكافل، ومتطور، ويشكل مرجعية تشريعية حازمة تضع حدًا للاستغلال باسم الفقر، وتؤسس لمنظومة عدالة اجتماعية شاملة.