يعد القطاع الرياضي في المملكة العربية السعودية من القطاعات البارزة ذات الأهمية العالية، إذ يحظى باهتمام واسع ومتابعة من مختلف شرائح المجتمع، حيث يستمتع الكثير بمشاهدة وممارسة الألعاب الرياضية المتنوعة. هذا الاهتمام الكبير استلزم وجود تنظيمات وأنظمة تحفظ حقوق جميع الأطراف المعنية وتحدد التزاماتهم، وهو ما يدفعنا – كمهتمين بالشأن القانوني – إلى دراسة القانون الرياضي وتنظيمه في المملكة.
في هذه المقالة، سنتناول بمشيئة الله محورين أساسيين:
- المحور الأول: القانون الرياضي في المملكة العربية السعودية.
- المحور الثاني: تطور القانون الرياضي في المملكة في ضوء التحديات القادمة.
المحور الأول: القانون الرياضي في المملكة العربية السعودية
أولًا: تعريف القانون الرياضي
تتعدد تعريفات القانون الرياضي، إلا أنه وفق التطبيق السعودي يمكن تعريفه بأنه: القانون الذي ينظم العلاقات بين الشخصيات الرياضية الطبيعية والاعتبارية، بما يسهم في حفظ حقوقهم والتزاماتهم تجاه بعضهم البعض وتجاه الغير.
ويمتاز القانون الرياضي بمرونته وتعدد تعريفاته بحسب طبيعة الأنشطة الرياضية والمتغيرات المرتبطة بها.
ثانيًا: تطبيقات القانون الرياضي في المملكة (أنظمة ولوائح)
تتعدد الأنظمة واللوائح المنظمة للقانون الرياضي في المملكة تبعًا لتنوع الألعاب والأنشطة الرياضية، ومن أبرزها:
- النظام الأساسي للاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/55) وتاريخ 19/10/1407هـ، الذي نظم تكوين اللجنة والاتحادات واختصاصاتها وحقوقها والتزاماتها.
- لائحة الأندية الرياضية (1445هـ): التي تهدف إلى وضع إطار تنظيمي للأندية الرياضية الخاصة، متوافقة مع نظام الشركات.
- لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم (1446هـ): وهي المرجع الأساس لتنظيم أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم وأهليتهم للمشاركة في البطولات التي ينظمها الاتحاد أو روابط دوري الأندية المحترفة.
المحور الثاني: تطور القانون الرياضي في المملكة في ضوء التحديات القادمة
مقدمة:
تشهد المملكة نهضة نوعية في القطاع الرياضي ضمن رؤية المملكة 2030، بهدف جعل المملكة مركزًا عالميًا لممارسة ومتابعة الأنشطة الرياضية، سواء للمحترفين أو الهواة. إلا أن هذه الطموحات تقترن بتحديات تتطلب تطويرًا مستمرًا للقانون الرياضي وتفعيله لمواكبة النمو المستهدف، ومن أبرز هذه التحديات:
١) التقاضي الرياضي في المملكة
يتمثل الاختصاص الولائي في النزاعات الرياضية في القضاء العادي، بينما يتولى مركز التحكيم الرياضي السعودي الاختصاص النوعي وفق النظام الأساسي للمركز، حيث تتم الخصومات غالبًا بصيغة التحكيم، والتي قد يُنظر إليها بأنها أقل إلزامية من القضاء التقليدي.
وقد جاء الاتفاق الموقع بتاريخ 5/1/2025 بين وزارة العدل ومركز التحكيم الرياضي السعودي ليسمح باعتبار أحكام المركز سندات تنفيذية مباشرة لدى محاكم التنفيذ، ما يعزز قوة أحكام التحكيم ويوفر ضمانات تنفيذية فعالة للمتقاضين في القطاع الرياضي.
٢) استضافة المحافل الرياضية الكبرى
استضافت المملكة كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2024، ما جعلها محط أنظار العالم في هذا المجال، ويُعد استضافة كأس العالم 2034 أبرز التحديات القادمة، خاصةً مع التوسع إلى 64 منتخبًا، وما يتطلبه ذلك من إنشاء ملاعب جديدة وخدمات نقل جماهيرية وتلبية اشتراطات الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA).
كما تستعد المملكة لاستضافة كأس آسيا 2027 وكأس الخليج 2026، وهو ما يتطلب استعدادًا قانونيًا وإداريًا وهندسياً لضمان استضافة ناجحة لهذه الأحداث.
٣) تحقيق التوازن بين الحقوق والالتزامات في ظل الحوكمة
يتطلب تطبيق حوكمة الأندية الرياضية التوازن بين الحقوق والالتزامات التعاقدية للأطراف الرياضية، خاصة في ظل العقود عالية القيمة أو قلة الإيرادات لبعض الأندية. وقد أُطلقت مبادرة تقييم حوكمة الأندية لتحفيز الأندية على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية وتطبيق مؤشرات الحوكمة، بما يسهم في تحقيق مستهدفات المشروع الرياضي وفق رؤية 2030.
٤) تأهيل المتخصصين في القانون الرياضي
يمثل تأهيل الكوادر القانونية المتخصصة في المجال الرياضي تحديًا أساسيًا، نظرًا لحاجة القطاع المستمرة لمختصين قانونيين في الجوانب التعاقدية، التنظيمية، والتحكيمية. وقد أطلقت المملكة عددًا من البرامج لتأهيل الكوادر القانونية والإدارية في القطاع الرياضي، دعمًا للنهضة الرياضية الشاملة.
ختامًا، يمثل القانون الرياضي في المملكة قطاعًا واعدًا مليئًا بالتحديات والفرص، وهو ركيزة أساسية لتطوير الرياضة وتحقيق رؤية المملكة 2030. ومع الجهود المبذولة من القيادة الرشيدة، والدعم القانوني المستمر، سيستمر القطاع الرياضي في المملكة في تحقيق إنجازات نوعية تسهم في تعزيز مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا في المجال الرياضي.