التزامات الناقل الجوي في النظام السعودي: حماية متكاملة لحقوق المسافر
في إطار جهود المملكة العربية السعودية لتعزيز ثقة المسافرين وجودة خدمات النقل الجوي، أُقرت أنظمة ولوائح متقدمة تُلزم الناقل الجوي بجملة من الالتزامات الواضحة، سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية. تستند هذه الالتزامات إلى نظام الطيران المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/44) وتاريخ 18/7/1426هـ، ولائحة حماية حقوق المسافرين الصادرة عن الهيئة العامة للطيران المدني بتاريخ 6/2/1445هـ، التي تُعد المرجع الأحدث في هذا السياق.
أولًا: الالتزامات العامة للناقل الجوي
تنص المادة الخامسة من لائحة حماية حقوق المسافرين على مجموعة من الالتزامات الجوهرية التي تشمل:
- الشفافية في معلومات الحجز، والأسعار، وشروط برامج الولاء.
- الالتزام بجداول الرحلات، وعدم تقديم الرحلة عن موعدها إلا لأسباب أمنية.
- توفير الرعاية والتعويض في حالات التأخير، الإلغاء، أو رفض الإركاب.
- تسليم الأمتعة سليمة وفي الوجهة المتفق عليها.
- فعالية التواصل مع المسافرين عبر القنوات المخصصة.
ثانيًا: الشفافية في الحجز والإعلانات
تلزم المادة الثامنة الناقل الجوي بتضمين جميع الرسوم والضرائب في السعر المعلن، وتوضيح أي تكلفة إضافية أو تغيير في السعر، وتحظر تقديم أي معلومة مضللة.
ثالثًا: التأخير والإلغاء والمسؤوليات المرتبطة
- المادة التاسعة والعاشرة: تمنع تقديم الرحلة عن موعدها، وتفرض إبلاغ المسافر بأي تأخير قبل 45 دقيقة، وتحديث حالة الرحلة كل 30 دقيقة.
- في حال التأخير من 3 إلى 6 ساعات: يُعوض المسافر بـ 50 وحدة حقوق سحب خاصة، و150 وحدة إذا زاد التأخير عن 6 ساعات.
- عند تأخير الرحلة لأكثر من ساعتين، يحق للمسافر فسخ العقد، وإذا تجاوزت المدة 5 ساعات، تُعد الرحلة ملغاة تلقائيًا مع التعويض.
أما المادة الحادية عشرة فتنص على توفير وسائل الراحة داخل الطائرة (ماء، طعام، تهوية، اتصال) عند التأخير على المدرج، مع إتاحة النزول بعد 3 ساعات.
رابعًا: رفض الإركاب وتخفيض الدرجة
وفق المادة الثالثة عشرة، في حال رفض الإركاب بسبب الحجز الزائد، يحق للمسافر:
- السفر برحلة بديلة على حساب الناقل.
- أو فسخ العقد واسترداد التذكرة، مع تعويض بنسبة 200% من قيمتها.
المادة الرابعة عشرة: إذا تم تخفيض درجة الإركاب بموافقة المسافر، يحصل على فرق السعر بالإضافة إلى تعويض 50% من الفرق.
خامسًا: الأمتعة ونقلها
تنص المادة الخامسة عشرة على:
- حق المسافر في اصطحاب أمتعته حسب العقد.
- ضرورة الإفصاح عن الأمتعة الاستثنائية.
- تسليم الأمتعة سليمة، وفي الوجهة المتفق عليها.
سادسًا: الأشخاص ذوو الإعاقة وذوو المتطلبات الخاصة
تُلزم المادة الثامنة عشرة الناقل بما يلي:
- السماح مجانًا باصطحاب الأجهزة المساعدة.
- استثناء أجهزتهم من تخفيف الوزن.
- توفير كرسي بديل فورًا حال تأخر كرسي المسافر.
- تعويض بـ 100 وحدة حقوق سحب خاصة عند الإخلال بهذه الالتزامات.
سابعًا: الرحلات المتتابعة ونقاط التوقف
بموجب المادة السادسة عشرة، يجب:
- توضيح الناقل الفعلي لكل جزء من الرحلة.
- عدم إضافة نقاط توقف غير معلن عنها.
- تعويض بـ 100 وحدة حقوق سحب خاصة لكل نقطة توقف إضافية غير مذكورة في الحجز.
ثامنًا: الرعاية والمساندة
تُحدد المادة السابعة عشرة الرعاية التي يجب توفيرها:
مدة التأخير | الخدمة المطلوبة | التعويض في حال عدم التقديم |
بعد ساعة | مرطبات ومشروبات | 10 وحدات سحب خاصة |
بعد 3 ساعات | وجبة غذائية | 30 وحدة سحب خاصة |
بعد 6 ساعات | سكن ومواصلات | 100 وحدة سحب خاصة |
تاسعًا: القوة القاهرة
وفق المادة العشرون:
- لا يُعتد بالقوة القاهرة إن كان سبب التأخير خللًا فنيًا أو إداريًا.
- يجوز للمسافر فسخ العقد إذا تجاوزت القوة القاهرة 3 ساعات (داخلي) أو 6 ساعات (دولي).
- يعفى الناقل من التعويض حال إثبات القوة القاهرة بتقارير معتمدة.
عاشرًا: الاسترداد والشكاوى
- المادة 21: يجب إنهاء أي طلب استرداد أو تعويض خلال 15 يومًا عبر وسيلة الدفع الأصلية.
- المادة 22: يلزم توفير آلية واضحة ومعتمدة من الهيئة لتلقي الشكاوى، والرد عليها.
مسؤولية الناقل الجوي في نظام الطيران المدني
يُحمّل نظام الطيران المدني (م/44) الناقل الجوي المسؤولية الكاملة عن:
- سلامة الركاب والأمتعة والبضائع.
- تنفيذ العقد بحسب المعاهدات الدولية، خصوصًا اتفاقية مونتريال.
- ضمان التزام الركاب بالشروط النظامية للدخول والخروج من المملكة.
- تقديم الشروط والأحكام للهيئة للموافقة عليها.
كما يُعفى الناقل من المسؤولية في حال إنزال راكب يُشكل خطرًا على سلامة الطائرة أو الركاب، وفق المادة 137.
يتضح من المنظومة النظامية في المملكة أن التزام الناقل الجوي لم يعد أمرًا إداريًا، بل واجب قانوني صريح يهدف إلى حماية المسافر وضمان كرامته وحقوقه. وتبرز لائحة حماية المسافرين كنموذج متكامل يوازن بين الجودة التشغيلية والعدالة النظامية، في ظل رقابة صارمة وتطابق مع المعايير الدولية.
ويُعد إشراك المستهلك في فهم حقوقه، والالتزام الفعلي من الناقل، ركيزتين أساسيتين لرفع كفاءة قطاع الطيران، وتحقيق العدالة في العلاقة التعاقدية.