أولت المملكة العربية السعودية عناية فائقة بتنظيم وثائق السفر، إدراكًا منها لدورها المحوري في تسهيل حرية التنقل، وحفظ العلاقة القانونية بين المواطن والدولة داخل المملكة وخارجها، وتعزيز الهوية الرسمية الدولية للمواطنين.
ومن هذا المنطلق، صدر نظام وثائق السفر ليشكل الإطار القانوني والإجرائي المنظم لإصدار واستخدام وثائق السفر السعودية، مع تحديد شروط الحصول عليها، وبيان المخالفات والعقوبات المرتبطة بها، بما يعزز أمن الدولة ويحمي مصالحها.
أولًا: إصدار وثائق السفر وصلاحيات إصدارها
نظم نظام وثائق السفر أنواع الوثائق الصادرة باسم حكومة المملكة والتي تخول لحاملها حق السفر، وهي:
جواز السفر: الوثيقة الرسمية الأساسية للمواطنين السعوديين، والأكثر استخدامًا.
تذكرة المرور: تُمنح في حالات محددة (كفقدان الجواز بالخارج) وفق شروط اللائحة التنفيذية.
جواز السفر الدبلوماسي: يُصدر لجهات وفئات حكومية معينة عبر وزارة الخارجية لمهام دبلوماسية.
جواز السفر الخاص: يُمنح لبعض موظفي الدولة ومن في حكمهم عبر وزارة الخارجية وفق تنظيم محدد.
تتولى وزارة الداخلية إصدار جوازات السفر وتذاكر المرور، بينما تصدر ممثليات المملكة في الخارج هذه الوثائق للمواطنين المقيمين خارج المملكة وفق شروط وإجراءات محددة في النظام واللائحة التنفيذية (المواد 1-2).
إلغاء المادة الثالثة:
تم إلغاء المادة الثالثة بموجب المرسوم الملكي رقم (م/134) بتاريخ 27/11/1440هـ، والتي كانت تنص على شمول جواز السفر الزوجة السعودية والأبناء القُصر والبنات غير المتزوجات، وذلك انسجامًا مع مبدأ الاستقلال القانوني للفرد وتعزيزًا لحقوق المرأة، حيث بات لكل مواطن ومواطنة الحق في الحصول على جواز سفر مستقل، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 الداعمة لتمكين المرأة وحفظ الخصوصية الفردية.
الفئات الخاصة:
نصت المادة الرابعة على أن إصدار جوازات وتصاريح السفر للقُصر والمحجور عليهم يكون وفق ضوابط محددة لضمان حقوقهم القانونية والشرعية، مع مراعاة مصلحتهم وحمايتهم من أي استغلال.
الخدمات الإلكترونية:
أتاحت المملكة إصدار وتجديد الجواز إلكترونيًا عبر منصاتها الرقمية (مثل “أبشر”)، بما يعكس توجه الدولة للتحول الرقمي وتسهيل الإجراءات على المواطنين.
رسوم الإصدار:
وفق المادة الثانية عشرة المعدلة:
- (60) ريالًا سنويًا لإصدار أو تجديد جواز السفر.
- (50) ريالًا لإصدار تذكرة المرور.
- (500) ريال لإصدار أو تجديد الجواز خلال 24 ساعة (خدمة عاجلة).
ويجوز تعديل الرسوم بقرار من مجلس الوزراء، بما يعكس مرونة النظام في مواكبة احتياجات المواطنين (م/48 وتعديلاتها بموجب م/71).
ثانيًا: إيقاف أو سحب وثائق السفر والعقوبات
إجراءات السفر:
أكد النظام أنه لا يجوز مغادرة المملكة إلا لحامل وثيقة سفر سارية المفعول، مع الالتزام باستخدام المنافذ الرسمية المعتمدة (جوية – برية – بحرية) لضمان الرقابة الأمنية وحماية الأمن الوطني.
منع السفر:
يجوز منع المواطن من السفر بموجب حكم قضائي أو قرار يصدر لأسباب محددة تتعلق بالأمن أو المصلحة العامة، مع إلزام الجهة المختصة بإشعار الشخص الممنوع من السفر خلال أسبوع من تاريخ صدور القرار، بما يحقق الشفافية ويضمن حقه في الاعتراض (م/6).
تحديد الدول الممنوع السفر إليها:
لوزير الداخلية الصلاحية في تحديد الدول التي لا يسمح بالسفر إليها، وتلتزم إدارات الجوازات بتطبيق ذلك وفقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية (م/7).
الإبلاغ عن الفقد أو التلف:
ألزم النظام حامل الجواز أو تذكرة المرور بالإبلاغ خلال أسبوع من تاريخ العلم بالفقد أو التلف، سواء داخل المملكة أو خارجها، لضمان سلامة الوثائق ومنع إساءة استخدامها (م/8).
ثالثًا: العقوبات النظامية
وفق المرسوم الملكي رقم (م/11) وتاريخ 18/1/1443هـ:
- يعاقب المخالف بغرامة مالية لا تزيد على (100,000) ريال.
- أو بالمنع من السفر لمدة لا تزيد على خمس سنوات.
- أو بالعقوبتين معًا، حسب جسامة المخالفة وتقدير الجهة المختصة.
تهدف هذه العقوبات إلى تحقيق الردع العام والخاص، وصون هيبة الوثائق الرسمية، وحماية الأمن الوطني من أي استغلال أو إساءة استخدام.
يُعد نظام وثائق السفر في المملكة العربية السعودية أداة تنظيمية محورية لتحقيق التوازن بين حرية التنقل للمواطنين وحماية الأمن الوطني، مع مواكبة التطورات الاجتماعية والتقنية بما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية.
يتضمن النظام (15) مادة تغطي كافة الجوانب المرتبطة بإصدار واستخدام وثائق السفر وتنظيمها، مع تعديلات تعكس مرونة النظام واستجابته لمتطلبات المصلحة العامة والتغيرات الاجتماعية، بما يدعم رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع الحكومي وتحقيق التمكين والخصوصية للمواطنين.